الإخوة والأخوات الأفاضل
أقدم لحضراتكم بعض المواقف الرحيمة لرسول الإنسانية سيدنا محمد ّ صليّ اللهّ عليه وسلم
( الراحمون يرحمهم الرحمن .................. )
ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء )
ولكن من هم الراحمون ؟؟
إن فاقد الشيئ لا يعطيه .
والذي لا يستطيع أن يرحم نفسه لا يستطيع أبدا ً أن يرحم غيره .
فمحمد رسول وعابد . جاء ليرفع راية العبادة ويسوق الناس إليها .
خرج رسول الله صليّ الله عليه وسلمّ عام الفتح إلي مكة في رمضان حتي بلغ موضعا ً يُدعي كراع الغميم . فصام وصام الناس . ولما رأي بعض الناس قد شقّ عليهم الصيام بسبب وعثاء السفر دعا بقدح من ماء فرفعه حتي نظر الناس إليه , ثم شرب
ولما قيل له ان بعض الناس لا يزال صائما ً قال
( أولئك العصاة .... )
ويحدثنا جابر رضي الله عنه
كان النبي صليّ اللهّ عليه وسلمّ في سفر , فرأي رجلا ً قد اجتمع عليه الناس وظُلل عليه فقال ما باله ؟ قالوا رجل صائم .. فقال عليه السلام .. ليس من البر ان تصوموا في السفر وعليكم برخصة الله التي رخص ّ لكم فاقبلوها ..
إن رحمة النفس تفوق في إعتبار ( الرسول ) كل شيئ فهؤلاء الذين صاموا في السفر وأدركهم العياء فلم يتخلوا عن صيامهم يدمغهم رسول الله بالعصيان لأنهم حولوا العبادة إلي تعذيب . ولأنهم تخلوا عن أعظم فضائل الإنسان ألا وهي الرحمة . لا سيما الرحمة بالنفس واستبقاء عافيتها وقوتها .
ولقد ذهب إلي بيت النبي ذات يوم نفر من أصحابه يسألون عن عبادته , فلما أُ خبروا , بدا عليهم كأنهم تقالوُّها. وأين نحن من النبي عليه السلام . لقد غفر الله ما تقدم من ذنبه وما تأخر ..
قال أحدهم , أما أنا , فإني أصلي الليل أبدا ً ولا أنام منه شيئا ًوقال الآخر .. وأنا أصوم ألدهر ولا أُفطر أبدا ً
وقال ثالث .. وأنا أعتزل النساء , فلا أتزوج أبدا ً
أين حقوق النفس البشرية في كل هذا , وأين واجب الرحمة بها ..
إن ( محمدا ً ) عنده كلمة الفصل , وسوف يحمي الرحمة من كل عدوان , حتي لو كان عدوان المبالغة في العبادة والفضيلة ..
وهكذا , لا يكاد نبأ هؤلاء يبلغه حتي يسألهم ..
أنتم ألقوم الذين قلتم كذا , وكذا ؟ . أما والله ّ
إني لأخشاكم لله وأتقاكم له ...............
لكي أصوم وأفطر .........
وأصلي , وأرقد ..........
وأتزوج النساء ........
فمن رغب عن سنتي فليس مني ......
***
ويبلغه ذات مرة أن عبد الله ّ بن عمرو بن العاص يصوم دائما ً ويقوم الليل كله , فيقول له ..
بلغني أنك تصوم النهار , وتقوم الليل , فلا تعمل ,
فإن لجسدك عليك حقا ً , ولنفسك عليك حقا ً
ولزوجك عليك حقا ً .. صم وأفطر .......
صم من كل شهر ثلاثة أيام . فذلك صوم الدهر ..
قال يارسول الله ّ إني أطيق أكثر من ذلك .
قال .. فصم يوما ً وأفطر يوما ً . وذلك صيام داود . وهو أعدل الصيام .
قال يا رسول الله ّ . إني أطيق أفضل من ذلك .
قال رسول الله ّ .. لا أفضل من ذلك .........
ويحكي الرسول عن نفسه فيقول ..
إني لأقوم إلي الصلاة وأريد أن أطوِّل فيها . فأسمع بكاء الصبي . فأتجاوز في صلاتي ..كراهية أن أشُق ّ علي أمه
لا شيئ يكشف عن قيمة الرحمة عند نبي الله ّ محمد عليه السلام . مثل وضعها والعبادة في كفتي ميزان
هل تبصرون هذا الرجل المقبل مهرول الخطي إلي رسول الله يغشاه الفرح , وتغمره البهجة , إنه قادم يبايع نبيه علي الهجرة معه وعلي الجهاد في سبيل الله ّ تحت رايته , فاسمعوا حوار الرسول معه ...
هل من واليك أحد حي ............
قال الرجل .. نعم كلاهما حي ...
قال الرسول .. فارجع إلي والديك وأحسن صحبتهما .
وهذا رجل آخر , جاء إلي النبي يسعي ويقول ..
يارسول الله ّ جئت أبايعك علي الهجرة , وتركت أبويّ يبكيان . فيجيبه الرسول
ارجع إليهما فأضحكهما كما ابكيتهما .
ورجل ثالث يسأل ..
يارسول الله ّ إني أشتهي الجهاد , ولا أقدر عليه
فيقول له الرسول , هل بقي من والديك أحد ؟
يقول الرجل .. نعم يا رسول الله ّ
فيقول الرسول عليه الصلاة والسلام ..
قابل الله ّ في برِّ هما . فإذا فعلت ذلك فأنت حاج
ومعتمر ومجاهد ..
إن بسمة تعلو شفتي أب حنون , وتكسو وجه أم متلهفة , لا تباع عند الرسول بثمن , حتي حين يكون الثمن جهادا ً يثبِّت دعوته وينشر في الآفاق البعيدة رايته .
وهكذا رأيناه يرد إلي والدين يبكيان , إبنا ً لهما جاء يبايعه علي الجهاد ورأيناه يقول له .
ارجع إليهما فأضحكهما , كما أبكيتهما .
إن رحمة النفس تتم عند (محمد) برحمة الوالدين وبرهما
وإذا كانت العبادة تتحول إلي تعذيب حين تجيئ علي حساب رحمة النفس فإنها تتحول إلي عقوق إذا تمت علي حساب رحمة الوالدين ..
يقول أبو ذر رضي الله ّ عنه ..
سألت رسول الله ّ صليّ الله ّ عليه وسلم , ماذا ينجي العبد من النار , قال الإيمان بالله ّ , قلت يا نبي الله ّ . مع الإيمان عمل ؟ قال , أن تعطي مما رزقك الله ّ
قلت يانبي الله ّ , فإن كان فقيرا ً لا يجد ما يعطي ؟
قال , يأمر بالمعروف وينهي عن المنكر .. قلت فإن كان لا يستطيع أن يأمر بالمعروف , ولا يستطيع أن ينهي عن المنكر ؟ قال , فليعن الأخرق . قلت يا رسول الله ّ
أرأيت إن كان لا يحسن أن يصنع ؟ قال فليعن مظلوما ً
قلت . فإن كان ضعيفا ً لا يستطيع أن يعين مظلوما ً
قال ماتريد أن تترك لصاحبك من خير .؟
ليمسك أذاه عن الناس ..
قلت يا رسول الله ّ أو إن فعل هذا يدخل الجنة ؟
قال . ما من عبد مؤمن يصيب خصلة من هذه الخصال إلا أخذت بيده حتي تدخله الجنة .. [b]